
اضطرابات الأكل هي مجموعة من الإضطرابات النفسية المنشأ، قد تصل أحياناً لأن تكون مميتة، تتسم بإختلالات شديدة في سلوكيات الأكل لدى الشخص. يمكن أن تشير الهواجس المتعلقة بالطعام والوزن وشكل الجسم إلى اضطراب في الأكل.
تشمل أنواع اضطرابات الأكل الشائعة فقدان الشهية العصبي (Anorexia nervosa) ، الشره المرضي العصبي (Bulimia nervosa) ، واضطراب نهم الطعام. (Binge-eating disorder)
يتناول هذا المقال بدرجة من العمق جوانب اضطرابات الأكل، مما يوفر فهمًا شاملاً لأنواعها وأعراضها وعلاجاتها، مع التركيز بشكل خاص على المراهقين، حيث تكون هذه الإضطرابات أكثر شيوعاً في عمر المراهقة.
ما هي اضطرابات الأكل؟
اضطرابات الأكل هي حالات نفسية تتميز بعادات أكل غير صحية، والتي غالبًا ما تنطوي على تناول غير كافٍ أو مفرط للطعام، مما يؤثر في نهاية المطاف على الصحة الجسدية والعقلية للفرد.
كثيراً ما تتزامن هذه الاضطرابات مع مشاكل صحية نفسية أخرى مثل القلق والاكتئاب وإساءة استخدام المواد المسببة للإدمان، أو الأدوية.
يصف المعهد الوطني للصحة (NIH) اضطرابات الأكل بأنها حالات معقدة تتأثر بعوامل وراثية وبيولوجية وسلوكية ونفسية واجتماعية.
أنواع اضطرابات الأكل
أولاً: فقدان الشهية العصبي (Anorexia Nervosa)
يتميز فقدان الشهية العصبي بتقييد في تناول الطعام، والخوف الشديد من زيادة الوزن، وصورة مشوهة في ذهن الفرد عن جسمه. يرى الأشخاص المصابون بفقدان الشهية أنفسهم على أنهم يعانون من زيادة الوزن، حتى عندما يكونون في حالة نحافة شديدة وخطرة.
غالبًا ما يؤدي هذا الاضطراب إلى سوء تغذية شديد ويمكن أن يكون مهددًا للحياة إذا لم يُعالج. وفقًا للدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية (DSM-5)، يتم تصنيف فقدان الشهية العصبي إلى نوعين فرعيين: النوع المقيد (Restricting) ونو “تطهيري” (Purging).
ثانياً: الشره المرضي العصبي (Bulimia Nervosa)
يظهر الشره المرضي العصبي بشكل نوبات من تناول كميات كبيرة من الطعام يتبعها سلوكيات لمنع زيادة الوزن، مثل التقيؤ الذاتي، الاستخدام المفرط للملينات، أو ممارسة التمارين بشكل مفرط. على عكس فقدان الشهية، قد يحافظ الأشخاص المصابون بالشره المرضي على وزن طبيعي.
ينص الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية (DSM-5) أن هذه النوبات من الشره يجب أن تحدث مرة واحدة على الأقل في الأسبوع لمدة ثلاثة أشهر لتشخيص الفرد بالشره المرضي.
ثالثاً: اضطراب نهم الطعام (Binge-Eating Disorder)
يتسم اضطراب النهم بالنوبات المتكررة من تناول كميات كبيرة من الطعام، غالبًا بسرعة وإلى حد الشعور بعدم الراحة. يتبع ذلك مشاعر الخجل، الضيق، أو الذنب، ولكن بدون سلوكيات تعويضية منتظمة. يعتبر اضطراب النهم، كما توضح إحصائيات المعهد الوطني للصحة (NIH) ، أكثر اضطرابات الأكل شيوعًا.
رابعاً: اضطرابات الأكل الأخرى المحددة (OSFED)
تشمل هذه اضطرابات الأكل التي لا تستوفي معايير الاضطرابات المحددة المذكورة أعلاه. تشمل الأمثلة فقدان الشهية العصبي غير النموذجي، الشره المرضي العصبي (ذو نوبات قليلة و/أو مدة محدودة)، اضطراب نهم الطعام (نوبات قليلة و/أو مدة محدودة)، اضطراب التطهير الغذائي (Purging disorder)، ومتلازمة الأكل الليلي.
ما هي أعراض اضطراب الأكل؟
فيما يلي الأعراض المختلفة لإضطرابات الأكل المختلفة:
- فقدان الشهية العصبي (Anorexia Nervosa):
- فقدان الوزن الشديد
- مظهر نحيف مع عظام بارزة
- التعب
- الأرق
- الدوار وأحياناً الإغماء
- زرقة الأصابع
- تقصف الشعر وتساقطه
- انقطاع الدورة الشهرية
- الإمساك
- الجلد الجاف أو المصفر
- عدم تحمل البرد
- عدم انتظام ضربات القلب.
2. الشره المرضي العصبي (Bulimia Nervosa):
- التهاب مزمن في الحلق وتقرحات
- تورم الغدد اللعابية
- تآكل مينا الأسنان
- اضطراب الارتجاع الحمضي
- الجفاف الشديد
- خلل في توازن الإلكتروليتات والأملاح في الجسم.
3. اضطراب نهم الطعام (Binge-Eating Disorder):
- تناول كميات غير عادية من الطعام في وقت محدد
- تناول الطعام حتى عند الشعور بالشبع أو عدم الجوع
- تناول الطعام بسرعة أثناء نوبات النهم
- تناول الطعام حتى الشعور بعدم الراحة
- تناول الطعام سرًا لتجنب الإحراج
- الشعور بالضيق، الخجل، أو الذنب بعد تناول كمية كبيرة من الطعام.
علاج اضطرابات الأكل
كيف يمكن علاج اضطرابات الأكل عند المراهقين؟
يتضمن علاج اضطرابات الأكل نهجًا شاملاً يعالج الجوانب الجسدية والنفسية للاضطراب. تؤكد المكتبة الوطنية للطب (NLM) على أهمية التدخل الطبي المبكر.
غالبًا ما يتضمن علاج اضطرابات الأكل مزيجًا من النهج التالية:
- الرعاية الطبية والمراقبة
هذا يضمن استقرار صحة المريض، بما في ذلك إدارة أي حالات طبية متزامنة مثل مشاكل القلب. الفحوصات الطبية المنتظمة ضرورية لمراقبة الوزن والعلامات الحيوية والحالة الصحية العامة.
2. الاستشارة الغذائية
تساعد الاستشارة الغذائية على استعادة أنماط الأكل الصحية وتناول الطعام الغذائي. يعمل اختصاصيو التغذية من الأطباء مع المرضى لوضع خطط وجبات متوازنة تلبي احتياجاتهم الغذائية مع معالجة أي مخاوف متعلقة بالطعام.
3. العلاج النفسي:
ويشمل عدة أنواع:
- العلاج السلوكي المعرفي : (CBT)
هو الأكثر إستخداماً، يركز على تحديد وتغيير أنماط التفكير والسلوك المشوهة. يعتبر العلاج السلوكي المعرفي فعالًا في تقليل أعراض اضطرابات الأكل من خلال معالجة التشوهات الإدراكية الأساسية المتعلقة بصورة الجسم (تصور الفرد عن جسمه) وتقدير الذات.
- العلاج القائم على الأسرة (FBT):
فعّال بشكل خاص للمراهقين، يشمل مشاركة الأسرة في دعم تعافي المريض. يمكن للعلاج القائم على الأسرة أن يمكّن الآباء من لعب دور نشط في علاج طفلهم من خلال مساعدتهم على استعادة عادات الأكل الصحية وتوفير الدعم العاطفي.
- العلاج الجماعي:
نادر في منطقتنا العربية، يوفر الدعم والتشجيع من الآخرين الذين يعانون من مشكلات مشابهة. يمكن أن يقلل مشاركة التجارب في بيئة جماعية من الشعور بالعزلة ويزيد من الدافعية للتعافي.
4. الأدوية
في بعض الحالات، قد يتم استخدام الأدوية مثل مضادات الاكتئاب لعلاج أعراض المزاج أو القلق التي تتزامن مع اضطرابات الأكل. يمكن للأدوية أن تساعد في السيطرة على الأعراض ولكنها غالبًا ما تكون أكثر فعالية عند استخدامها مع العلاج النفسي.
5. المكوث في المستشفى أو المراكز الطبية المتخصصة:
قد يحتاج بعض المصابين بهذه الإضطرابات في الحالات الشديدة إلى الاستشفاء أو العلاج في عيادات متخصصة إلى أن تستقر حالتهم. توفر المستشفى بيئة محكمة حيث يمكن للمرضى الحصول على رعاية طبية ونفسية مكثفة.
ملخص
تعد اضطرابات الأكل حالات معقدة تتطلب نهجًا متعدد التخصصات للعلاج الفعال. يزيد التدخل المبكر من سرعة التعافي؛ مما يجعل من الضروري أن يتعرف الأفراد الأسرة على العلامات والأعراض وأن يسعوا للحصول على الدعم الطبي والنفسي المناسب دون تأخير أو اهمال.
تعتبر خطط العلاج الشاملة التي تشمل الرعاية الطبية، والاستشارة الغذائية، والعلاج النفسي أساسية لتحقيق التعافي التام.
المصادر:
U.S. Department of Health and Human Services (HHS). Available at: https://www.hhs.gov
National Institutes of Health (NIH). Available at: https://www.nih.gov
Centers for Disease Control and Prevention (CDC). Available at: https://www.cdc.gov
National Library of Medicine (NLM). Available at: https://www.nlm.nih.gov
Diagnostic and Statistical Manual of Mental Disorders (DSM-5), American Psychiatric Association.