نظريات في علم النفس

تعمق في علم النفس التطوري، تساؤلات وقيود واثارة جدل

الأساس النظري للفرضيات النفسية لعلم النفس التطوري

على مدار الخمسة عشر عامًا الماضية، نما علم النفس التطوري من اعتباره منظورًا نظريًا هامشيًا إلى إحتلال مكانة مركزية في علم النفس.

تعرض لك هذه المقالة بعض الإهتمامات والمحاولات الأكثر شيوعًا لتوضيح موقف علم النفس التطوري المتعلق بها. وتشمل هذه قضايا القابلية للاختبار وقابلية التزوير العلمي، أساس ونشأة هذا الفرع وكذلك القيمة العملية لعلم النفس التطوري التطبيقي بأقصى دقة ممكنة وبإنتقاء للدقيق منها نسبة للمعايير العلمية. نركز بشكل أساسي على الجانب العلمي النظري للموضوع، وليس على المظاهر السلوكية التي ستجد الإنترنت مليئاً بها مع تحفظنا بخصوص الدقة الضعيفة للبعض منها وإستعمال الخيال المطلق من قبل آخرين.

نختتم المقال بملخص وبعض الإستنتاجات حول الموضوع. 

ما هو علم النفس التطوري

علم النفس التطوري (بالإنجليزية: Evolutionary Psychology) هو نهج حديث لعلم النفس، حيث يتم استخدام المعرفة والمبادئ من علم الأحياء التطورية في البحث عن بنية العقل البشري. إنه ليس مجالًا للدراسة العلمية بشكلها التقليدي كما هو الحال في الرؤية أو التفكير أو السلوك الاجتماعي.. إنها طريقة للتفكير يمكن تطبيقها على أي موضوع في علم النفس.

ما هي فائدة علم النفس التطوري

الهدف من البحث في علم النفس التطوري هو اكتشاف وفهم تصميم العقل البشري. وكذلك دراسة السلوك البشري باعتباره نتاجًا لآليات نفسية منطقية متطورة تعتمد على المدخلات الداخلية والبيئية لتطورها وتنشيطها والتعبير عنها في سلوك واضح. وهو جانب علمي اخر ومختلف للإحاطة بعلم النفس وتقديم أسس جديدة له او تدعيم الكثير من أساساته القديمة، خصوصا أن البحث التجريبي في علم النفس التطوري قد نما بشكل مطرد على مدار الخمسة عشر عامًا الماضية.

هل أن علم النفس التطوري علم مقبول تماماً في الاوساط العلمية؟ لماذا هو مثير للجدل؟

ظهر علم النفس التطوري على مدار الخمسة عشر عامًا الماضية كمنظور نظري رئيسي، مما أدى إلى زيادة حجم الدراسات التجريبية وافترض وجودًا أكبر في علم النفس. في الوقت نفسه أثار إنتقادات ولا يزال مثيراً للجدل بين بعض علماء النفس. بعض الجدل نابع من فرضيات تتعارض مع النظريات النفسية التقليدية. بعض النتائج التجريبية قد يكون لها آثار غريبة، إضافة الى البعض من سوء الفهم حول منطق علم النفس التطوري وبعض المخاوف العلمية الحقيقية حول عمل الإطار الأساسي له ومدى علميته.

الخلفية النظرية وأساس علم النفس التطوري

يعود الأساس الجوهري لعلم النفس التطوري إلى نظرية داروين (1859) في الانتقاء الطبيعي. افترض داروين أنه إذا كانت الصفات المختلفة يمكن أن يرثها الأبناء من الوالدين، فإن تلك المتغيرات التي ساعدت على بقاء الكائن الحي وتكاثره ستنتقل إلى الأجيال القادمة بترددات أكبر من البدائل (المتغيرات ذات التأثيرات الأقل فائدة) -مثل تلك التي تعيق قدرة الكائن الحي على البقاء أو التكاثر- لن تتكاثر لأن الكائنات الحية التي تمتلكها ستنقلها بمعدلات أقل.

إليك مثالا بسيطاً لتوضيح فكرة داروين: لا توجد في القطب الجنوبي دببة بنية لانها انقرضت قبل ان تتمكن من ان تعيش الى سن يؤهلها للتكاثر وتمرير جيناتها؛ كونها يمكن رؤيتها من مسافة بعيدة، فتراها الفرائس وتهرب ويموت الدب جوعاً، بينما الدببة البيضاء تتمكن من التخفي في الثلوج والحصول على الغذاء بسهولة نسبية نتيجة ذلك، وبالتالي كانت هي دون البنية من استطاعت ان تعيش لفترات طويلة وان تتكاثر فيما بينها.

اسئلة متكررة حول علم النفس التطوري

ننتقل الآن إلى بعض الاستفسارات الشائعة حول علم النفس التطوري ونسعى لتقديم إجابات لها..

هل يتم اختبار الفرضيات النفسية التطورية تجريبياً أم أن من الممكن تزويرها؟

إن منطق إختبار الفرضيات في علم النفس التطوري هو نفسه اختبار الفرضيات في جميع العلوم.. حيث  يقوم الباحث أولاً بصياغة فرضية حول آلية نفسية متطورة ثم يولد تنبؤات قابلة للاختبار حول سمات أو ميزات تصميم تلك الآلية التي لم يتم اكتشافها أو توثيقها من قبل.

يجب أن تكون الفرضية النفسية التطورية محددة على الأقل إلى حد ما في مجال علم النفس، وأن تكون حساسة لأنواع معينة من المحتوى أو المعلومات. (ميزات تصميم العبارة هي اختصار قياسي في علم الأحياء التطوري للسمات أو الأجزاء المكونة للتكيف الذي تمت صياغته أو “تم توقعه” من خلال التاريخ السابق للانتقاء الطبيعي؛ ولا تكون هذه العبارة  مقصود تضمينها كهدف للعملية البحثية).

أليست السلوكيات البشرية نتيجة التعلم والتنشئة الاجتماعية، وليس التطور؟

يحل إطار علم النفس التطوري إلى حد بعيد الإنقسامات الثنائية في الرأي بخصوص مناشئ السلوك البشري مثل “الطبيعة مقابل التنشئة” (Nature versus nurture)، و “الفطرية مقابل المكتسبة”( Innate versus learned)، و “البيولوجية مقابل الثقافية”(Biological versus cultural). وهو كذلك يوفر إطارًا تفاعليًا حقيقيًا حيث تشكل ضغوط الاختيار البيئي آليات متطورة على مستوى النشوء والتطور. وتؤثر المدخلات البيئية على تطورها على المستوى الجيني. وتوفر البيئة إشارات تنشط التكيف النفسي على المستوى القريب المباشر. وبالتالي، ليس من المنطقي التساؤل عما إذا كانت قرارات التزاوج مثلا “متطورة” أو “تم تعلمها” أو بسبب “الطبيعة” أو “التنشئة”.

تتطلب جميع الآليات المتطورة بعض المدخلات البيئية لتنشيطها، سواء كان ذلك الاحتكاك المتكرر للجلد في حالة الكالس (نسيج جلدي ينتج من الإحتكاك) أو الإشارات التي تحدث في الدماغ والجسم بالإضافة إلى المشاعر النفسية التي يمكن ملاحظتها في تزاوج في حالة قرار التزاوج.

يستخدم مصطلح “التعلم” (Learning) أحيانًا كتفسير للتأثير المرصود وهو الادعاء البسيط بأن شيئًا ما في الكائن الحي يتغير كنتيجة لمدخلات بيئية. إن استدعاء “التعلم” بهذا المعنى، دون مزيد من التحديد، لا يوفر أي قيمة تفسيرية إضافية للظاهرة المرصودة، ولكنه يؤدي فقط إلى تراجع سببها لمستوى أدنى.

يتطلب التعلم تكيفات نفسية متطورة موجودة في الدماغ تمكن التعلم من الحدوث. يتمثل التحدي التوضيحي الرئيس في تحديد طبيعة تعديلات التعلم الأساسية التي تمكن البشر من تغيير سلوكهم بطرق وظيفية نتيجة لأشكال معينة من المدخلات البيئية. على الرغم من أن مجال علم النفس التطوري يفتقر إلى الفهم الكامل لطبيعة هذه المدخلات التعليمية، إلا أن هناك أدلة كافية لاستخلاص بعض الاستنتاجات المعقولة.

ضع في اعتبارك ثلاثة أمثلة دامغة:

1. يتعلم الناس تجنب ممارسة الجنس مع الأقارب والذين لديم قرابة جينية (تعلم تجنب سفاح القربى).

2. تجنب الأطعمة التي قد تحتوي على سموم (النفور المكتسب) ؛

3. يتعلم الناس من مجموعة أقرانهم ما هي الطرق التي كانت دورا في زيادة في المكانة الإجتماعية (Status) والهيبة (Learned prestige criteria). هناك حجج نظرية مقنعة وأدلة تجريبية على أن كل شكل من أشكال التعلم هذه يمكن تفسيره بشكل أفضل من خلال تعديلات التعلم المتطورة التي لها على الأقل بعض ميزات التصميم المتخصصة، بدلاً من تكييف التعلم العام متعدد الأغراض.

كيف تؤثر الظواهر البيئية الحديثة على علم النفس التطوري البشري؟

البيئات الحديثة للغاية بالطبع لم يكن لديها الوقت الكافي للتأثير على تطور التكيفات النفسية. يعيش البشر في بيئات حديثة تختلف في بعض النواحي المهمة عن بيئات الأجداد التي تكيف معها أسلافنا البشريون.

بدلاً من جمع الطعام عن طريق الصيد أو الجمع، يأكل الناس في المطاعم ويشترون الأطعمة المعبأة من المحلات. حلت أجهزة الكمبيوتر الحديثة والهواتف الذكية جزئيًا محل الاتصال وجهاً لوجه، في حين أدت زيادة التنقل الجغرافي إلى الجمع بين الشعوب التي كانت معزولة سابقًا.

من خلال تكنولوجيا منع الحمل، يمكن للإنسان الحديث أن يقطع الصلة بين الاتصال الجنسي والتكاثر. وكون التطور يأخذ مساراً طويلاً ممتداً، فنتائج كل هذا لا تظهر لنا الآن ولا قريباً. لذلك فإن التركيز الأساس الآن هو على المظاهر التطورية لسلوك الإنسان القديم وتطوره.

كيف تؤثر هذه المستجدات البيئية الحديثة على علم النفس البشري المتطور؟

هناك طريقتان على الأقل للإجابة على هذا السؤال.

أولاً، قد يؤدي عدم التطابق بين البيئات الحديثة وبيئات الأجداد إلى إبطال المنفعة التكيفية لبعض الآليات النفسية المتطورة. قد لا يكون للآليات التي أثرت في نجاح الإنجاب ذات مرة نفس التأثير. إن مذاقنا المتطور للأطعمة التي تحتوي على الدهون والسكر، والتي كانت قابلة للتكيف في الماضي، تؤدي الآن إلى السمنة ومرض السكري في البيئة الحديثة المليئة بالأطعمة المعالجة والمتوفرة بثمن بخس وبوفرة.

ثانيًا، قد تؤدي المحفزات البيئية الجديدة مثل الصور على مواقع التواصل الإجتماعي أو المواد الإباحية إلى تحفيز أو استغلال آلياتنا النفسية المتطورة. تقدم الغيرة الجنسية للذكور مثالًا محددًا على عدم التوافق بين الأجداد والبيئات الحديثة.

يكاد يكون من المؤكد أن الغيرة الجنسية للذكور قد تطورت جزئيًا لخدمة وظيفة يقين الأبوة – تحفيز الرجال لدرء الدخلاء غير الشرعيين، وردع الشريك عن الشرود الجنسي، وتجنب الاستثمار في نسل منافس. ومع ذلك في العالم الحديث، إذا كانت زوجة الرجل تأخذ وسائل منع الحمل يمكن اعتبار تكيفات الغيرة الجنسية الذكرية غير ضرورية في منع الاستثمار في الأبناء غير الأصيلين.

هل يمكن تقديم دليل على التكيف النفسي المنطقي دون توثيق أساسه الجيني؟

غالبًا ما يستخدم علماء النفس التطوريون فرضيات التزاوج حول التكيفات، على الرغم من أن بعض الفرضيات تختبر حول المنتجات الثانوية للتكيف. عادة ما يتم تعريف التكيفات من خلال التعقيد والاقتصاد والفعالية في تصميمها ودقتها في إحداث نتائج وظيفية محددة، وليس من خلال قدرة العلماء على تحديد قواعدهم الجينية المعقدة. على سبيل المثال، العين البشرية هي بلا منازع تكيف محدد للرؤية وذلك بناءً على ميزات التصميم لحل مشاكل التكيف الخاصة مثل اكتشاف الحركة والحواف والألوان والتباينات.

توفر ميزات التصميم المعقدة والمتطورة بشكل موثوق للعيون أدلة وفيرة على أنها تكيفات لوظائف محددة، على الرغم من أن العلماء يفتقرون حاليًا إلى معرفة الجينات المحددة والتفاعلات الجينية المشاركة في النظام البصري. نفس المنطق ينطبق على التكيفات النفسية. مثلما وثَّق البحث التجريبي الخوف من الثعابين، والتحيز السمعي، ووهم النسب باعتبارها تكيفات دون تحديد أساسها الجيني، كذلك يمكن أن تؤكد الأبحاث وجود تكيفات لأقارب الآخرين، والاستثمار الأبوي التفاضلي، واكتشاف الغشاشين في المجتمع، نفس المنطق ينطبق على التكيفات النفسية.

ملاحظة/ تعديل: قد لا تكون الفقرة أعلاه مقنعة تماماً، الا أنها على الأقل تفيد بان الحالة ليست متفردة وتوجد لها تماثلات في مباحث أخرى ترتبط بالتطور أيضاً وليست مقتصرة فقط على علم النفس التطوري.

ما هي القيمة العملية لعلم النفس التطوري؟

علم النفس التطوري هو علم أساسي، وبالتالي فهو يسعى إلى فهم أساسي للطبيعة البشرية – آليات عقولنا المتطورة. تم تطوير إطارها المفاهيمي كمنصة مساعدة لعلم النفس، وليس على وجه التحديد كوسيلة مساعدة للتطبيقات العملية. ومع ذلك، فقد تم تطبيق الأفكار التي قدمها علم النفس التطوري بشكل متزايد على المشاكل المجتمعية العملية.

ما هي مبادئ علم النفس التطوري

فيما يلي خمسة مبادئ أساسية – كلها مستمدة من علم الأحياء – يطبقها العلماء في محاولاتهم لفهم تصميم العقل البشري. يمكن تطبيق المبادئ الخمسة على أي موضوع في علم النفس. تفيد هذه المبادئ بكونها ملاحظات تسمح للمرء برؤية الروابط بين المجالات التي تبدو متنوعة مثل الرؤية والاستدلال والجنس.

المبدأ الأول: الدماغ هو نظام فيزيائي. يعمل كجهاز كمبيوتر. تم تصميم دوائرها لتوليد سلوك مناسب لظروفك البيئية.

المبدأ الثاني: تم تصميم الدوائر العصبية عن طريق الانتقاء الطبيعي لحل المشكلات التي واجهها أسلافنا خلال التاريخ التطوري لجنسنا البشري.

المبدأ الثالث: الوعي هو مجرد غيض من فيض. معظم ما يدور في ذهنك مخفي عنك. نتيجة لذلك  يمكن أن تضلل تجربتك الواعية في التفكير في أن دوائرنا العصبية أبسط مما هي عليه بالفعل. من الصعب حل معظم المشكلات التي تواجهك بسهولة – فهي تتطلب دوائر عصبية معقدة للغاية.

المبدأ الرابع: توجد دوائر عصبية مختلفة متخصصة في حل المشكلات التكيفية المختلفة.

المبدأ الخامس: تضم جماجمنا الحديثة عقل العصر الحجري بالإضافة إلى مانتج فيه من تطورات عبر الزمن.

أحد التطبيقات العملية في مجال علم النفس الإكلينيكي

طور عالم النفس السريري التطوري ستيف إيلاردي (Steve Ilardi) علاجًا فعالًا للإكتئاب بناءً على ما افترض أنه خطأ معقول في التطابق بين الأجداد والبيئات الحديثة. في زمن الأجداد كان الناس يقضون معظم يومهم في الهواء الطلق تحت أشعة الشمس، ويقومون بمهام عالية النشاط مثل الصيد والتجمع وبناء الملاجئ وصنع الأدوات ورعاية الأطفال. كانوا يعيشون في مجموعات صغيرة متماسكة بإحكام بدلاً من عائلات نواة معزولة. وتختلف وجباتهم الغذائية عن معظم الأنظمة الغذائية الحديثة.

شمل علاجه للإكتئاب المكون من ست خطوات: زيادة استهلاك أحماض أوميغا 3 الدهنية، والحصول على 30 دقيقة على الأقل من التعرض اليومي لأشعة الشمس، وتكثيف التمارين والتواصل الاجتماعي يوميًا مع الأصدقاء والعائلة، والانخراط في نشاط مضاد للإثارة (نشاط بطيء أو “ممل”)، واعتماد أنماط من النوم الجيد. (جميع الإجراءات المصممة لتقليد ظروف معيشة الأجداد). أنتج هذا العلاج القائم على التطور معدل نجاح لمدة 14 أسبوعًا بنسبة 75.3٪ ، والذي تم تعريفه على أنه إنخفاض بنسبة تزيد عن 50٪ في أعراض الاكتئاب. (Ilardi et al., 2007).

ما هي محددات وعيوب علم النفس التطوري؟

على الرغم من أننا قد أوضحنا ما نراه على أنه بعض الخصائص القيّمة لعلم النفس التطوري و بعض المفاهيم الخاطئة الشائعة، فمن المهم أيضًا تسليط الضوء على قيوده – كل من الظواهر التجريبية المحيرة والقيود المفاهيمية الحالية. فئة واحدة من القيود تتعلق بظواهر محيرة من منظور تطوري، مثل تلك التي يبدو أنها تقلل من النجاح الإنجابي للفرد ولا يمكن تفسيرها من خلال عدم التطابق مع أو الاستيلاء على آلياتنا النفسية من خلال مدخلات بيئية جديدة في العصر الحديث.

الاختبار الأكثر وضوحًا هو التوجه الجنسي المثلي (Homosexual orientation)، والذي أطلق عليه “التناقض الدارويني” (The Darwinian paradox). يبدو أن التوجه المثلي الحصري يتحدى المنطق التطوري لأنه يفشل على الأرجح في زيادة النجاح الإنجابي للفرد.

على الرغم من بعض الفرضيات التطورية قد تم اقتراحها للمثلية الجنسية، لم يتلق أي منها دعمًا تجريبيًا حتى الآن. ظاهرة أخرى محيرة هي الانتحار. في الولايات المتحدة ينتحر أكثر من 30,000 فرد عن عمد كل عام (Gibbons، Hur، Bhaumik، & Mann، 2005). وهو أكثر شيوعًا بين الذكور منه في الإناث ويظهر طفرات في العمر في سن المراهقة والشيخوخة.

جادل De Catanzaro (1995) وآخرون (Brown، Dahlen، Mills، Rick، & Biblarz، 1999) بأن الانتحار من المرجح أن يحدث في أولئك الذين لديهم قدرة منخفضة بشكل كبير على المساهمة في لياقتهم الإنجابية. وجدوا في العديد من الدراسات أن اعتلال الصحة، والفشل في التزاوج بين الجنسين كانت تنبئًا قويًا بالتفكير الانتحاري. على الرغم من أن كونهم عبئاً على الأقارب يقدم تفسيرًا معقولًا لبعض حالات الانتحار بين كبار السن، إلا أنه من السذاجة القول بأنه سيكون من المفيد للنجاح الإنجابي للمراهق السليم إنهاء حياته أو حياتها، بغض النظر عن احتمالات التزاوج الحالية. من المحتمل أن تكون حالات الانتحار هذه غير قادرة على التكيف من خلال منتجات الآليات المتطورة التي تتعطل (ويك فيلد، 2005).

يوضح كل هذا أن هناك ظواهر محيرة مثل الشذوذ الجنسي والانتحار تظل على الأقل غير قابلة للتفسير إلى حد ما على أساس التفسيرات المنطقية النفسية التطورية الحالية.

ملخص وإستنتاجات

  • على مدار الخمسة عشر عاماً الماضية نما علم النفس التطوري من إعتباره منظوراً نظرياً هامشياً الى إحتلال مكانة مركزية في علم النفس.
  • يتم تقديم دورات في علم النفس التطوري في العديد من الكليات والجامعات في جميع أنحاء الولايات المتحدة والعالم.
  • يتم الآن تغطية علم النفس التطوري في جميع كتب علم النفس التمهيدية، وإن كان ذلك بدرجات متفاوتة من الإهتمام.
  • توصلت إحدى الدراسات الكمية حول تغطية علم النفس التطوري في هذه النصوص إلى ثلاث استنتاجات: (أ) زادت تغطية علم النفس التطوري بشكل كبير ؛ (ب) تغيرت “نبرة” التغطية على مر السنين من معادية في البداية إلى على الأقل محايدة (وفي بعض الحالات مؤيدة بحماس)؛ و(ج) لا يزال هناك بعض سوء فهم وسوء توضيف في النصوص العلمية التطورية
  • كان الغرض من هذه المقالة هو الإجابة على الأسئلة التي أثيرت بشكل متكرر، لتوضيح موقف علم النفس التطوري من القضايا المثيرة للجدل ، لتصحيح بعض سوء الفهم الشائع، وتسليط الضوء على بعض الصعوبات التي تواجه هذا الإتجاه. نأمل أن تزيد هذه التوضيحات من دقة التغطية في مجلات علم النفس والكتب المدرسية، وأن تساعد في التواصل بين علماء النفس الذين يتبنون ولا يتبنون المنظور النظري لعلم النفس التطوري، وفي النهاية تساعد في تعزيز المعرفة العامة في علم النفس، وهو هدف جميع علماء النفس بغض النظر عن الأساس النظري.

محمد قحطان

A medical student, and a scientific-content writer who writes mostly in Arabic, mainly about Psychology, Psychiatry, Philosophy, and the liberal arts
زر الذهاب إلى الأعلى