من هو إريك إريكسون؟
هو عالم نفس تنموي ألماني بارز ومحلل نفسي. أثر عمله بشكل كبير على فهمنا لتطور النفس البشرية مع العمل، وكذلك التفاعل بين نفس فرد معين مع الديناميكيات الاجتماعية عبر الحياة.
إن شهرة إيركسن تنبع بشكل أساسي من نظريته عن التطور النفسي الاجتماعي (Psychosocial development)، والتي تفترض أن التطور النفسي البشري عملية تستمر طوال الحياة تتأثر بالتفاعلات الاجتماعية والتجارب.
حياته المبكرة وتعليمه
ولد إيريك إيريكسون في 15 يونيو 1902 في فرانكفورت، ألمانيا. كانت حياته المبكرة مليئة بصراعات مرتبطة بالهوية (Identity struggle)، متأثرة بالديناميكيات المعقدة داخل أسرته.
كانت والدته من أصل يهودي دنماركي، وقد هجرها والد إيركسن قبل ولادته. تزوجت والدته لاحقاً من الدكتور ثيودور هومبرجر، الذي تبنى إريكسون. يرى البعض أن هذه التجربة المبكرة من الارتباك في هويته أثرت على عمله لاحقاً في علم النفس التنموي.
بدأ إريكسون مشواره كفنان وسافر عبر أوروبا في شبابه. أدى لقاؤه مع آنا فرويد في فيينا إلى توجهه نحو دراسة التحليل النفسي (Psychoanalysis). تدرب في معهد التحليل النفسي في فيينا، حيث طور أفكاره الأساسية حول الهوية والتطور.
مراحل التطور النفسي
اقترح إيريكسون ثماني مراحل من التطور، كل منها تتميز بصراع مركزي يجب على الفرد – أو على من يتولاه بالرعاية في سنوات الطفولة – حله للتطور بشكل صحي:
- الثقة مقابل عدم الثقة (مرحلة الرضاعة) :في هذه المرحلة، يتعلم الرضّع الثقة بالوالدين أو مقدمي الرعاية (Caregivers) لتلبية احتياجاتهم. يؤدي نجاح هذه المرحة إلى شعور الطفل بالأمان. (لذلك يطلب من الأم إبقاء طفلها المولود للتو قريباً منها ومحاولة إرضاعه رضاعة طبيعية بأقرب وقت بعد الولادة).
- الاستقلالية مقابل الخجل والشك (الطفولة المبكرة): يتعلم الأطفال الصغار الإستقلالية والثقة إذا تم تشجيعهم ودعمهم. الفشل في ذلك قد يؤدي إلى الشعور المستمر بالخجل والشك بقدراتهم.
- المبادرة مقابل الشعور بالذنب (سن ما قبل المدرسة) :الأطفال في هذه المرحلة متحمسون لأخذ المبادرة وتنفيذ الخطط. يؤدي التشجيع إلى الشعور بالقدرة على المبادرة والتصرف، بينما يؤدي التثبيط إلى الشعور بما يشبه الذنب والضعف.
- الإتقان مقابل الشعور بالدونية (سن المدرسة) :يتطور الأطفال في سن المدرسة نحو إكتساب الكفاءة والمهارات. التعزيز الإيجابي يؤدي إلى الشعور بالإتقان، بينما يؤدي الفشل المتكرر أو النقد إلى الشعور بالدونية.
- الهوية مقابل الارتباك بالهوية (المراهقة) :يستكشف ويجرب المراهقون أدوارًا وأفكارًا مختلفة لتشكيل هويتهم. يؤدي الاستكشاف الناجح إلى هوية قوية، بينما يؤدي الفشل إلى الارتباك فيما يتعلق بهويتهم.
- العلاقة الحميمة مقابل العزلة (الشباب) :يسعى الشباب عادة إلى علاقات عميقة وحميمة. تؤدي العلاقات الناجحة إلى روابط قوية، بينما يؤدي الفشل إلى الشعور بالعزلة في حالات كثيرة.
- الإنتاجية مقابل الركود (منتصف البلوغ) :يحتاج البالغون إلى خلق، بناء، أو رعاية أشياء تدوم بعدهم، وكذلك إلى المساهمة الفاعلة في المجتمع. النجاح يؤدي إلى الشعور بالفائدة والإنجاز، بينما يؤدي الفشل إلى شعور بالمشاركة السطحية في العالم وتقدمه.
- التكامل مقابل اليأس (الشيخوخة) :يسعى كبار السن عند تأملهم ومراجعتهم لحياتهم إلى إيجاد ما يشعرهم بالرضا. الحياة الناجحة تؤدي إلى الشعور بالحكمة والفائدة، بينما يؤدي الفشل إلى الندم واليأس.
مساهمات إيريكسون في علم النفس
امتدت أعمال إريكسون إلى ما وراء نموذجه ذي الثماني مراحل. أصبحت فكرة “أزمة الهوية (Identity crisis)” التي طرحها مركزية في كل من علم النفس والثقافة الشعبية (Popular culture). اعتقد إريكسون أن تشكيل الهوية رغم كونه مهماً بشكل أساسي خلال فترة المراهقة، تستمر الهوية في التطور طوال حياة الفرد.
ساهم أيضًا في فهم كيف تؤثر الثقافة والمجتمع على التطور النفسي. قدمت دراساته للثقافات المختلفة، بما في ذلك ملاحظاته لقبائل الأمريكيين الأصليين، رؤى قيمة حول العالمية والخصوصية الثقافية لمراحل النمو النفسي عنده.
ما هي أهم كتب إيريك إيريكسون؟
نشر إريكسون عدة كتب ومقالات مؤثرة شكلت علم النفس التنموي. بعض أعماله البارزة تشمل:
- “الطفولة والمجتمع :(1950) “هذا الكتاب يوضح نظريته عن التطور النفسي الاجتماعي ويبحث تأثير الثقافة والمجتمع على تطور الطفل.
- “الهوية: الشباب والأزمة :(1968) “في هذا العمل، يستكشف إريكسون تحديات المراهقة وتشكيل الهوية.
- “دورة الحياة مكتملة :(1982) “يعيد هذا الكتاب النظر في نظرياته السابقة ويوفر رؤية شاملة لنموذجه التنموي.
تأثيره وإرثه
تركت مساهمات إريكسون في علم النفس تأثيرًا دائمًا على المجال. كذلك فقد شملت نظرياته مجالات متنوعة، بما في ذلك التعليم، العلاج النفسي، والخدمات الإجتماعية. لا تزال تأكيداته على كون طبيعة النفس البشرية في تطور مستمر طوال الحياة والتفاعل بين الفرد والمجتمع ذات أهمية في البحث والممارسة المعاصرة.
تسربت أفكاره أيضًا إلى الثقافة الشعبية (حيث أصبحت أفكاره في فترة ما متناقلة على الإنترنت وفي كلام الناس بينهم)، مؤثرة على كيفية فهم الناس لأنفسهم وتطورهم النفسي والصعوبات النفسية التي تواجههم. يواصل عمله إلهام أجيال جديدة من علماء النفس والمعلمين والأفراد الساعين لفهم تعقيدات تطور النفس البشرية.
ملخص
قدمت أعمال إريك إريكسون الرائدة حول التطور النفسي الاجتماعي إطارًا أساسيًا لفهم النمو البشري عبر سنوات العمر. يبرز نموذجه ذو الثماني مراحل التفاعلات الحيوية بين النفس الفردية والسياق الاجتماعي، مقدمًا رؤى قيمة في العمليات التي تشكل الهوية والسلوك والرفاهية. ترك إريكسون من خلال بحثه وكتاباته الشاملة إرثًا دائمًا يستمر في تشكيل مجال علم النفس التنموي حتى اليوم.
المراجع:
- Erikson, E. H. (1950). Childhood and Society. W.W. Norton & Company.
- Erikson, E. H. (1968). Identity: Youth and Crisis. W.W. Norton & Company.
- Erikson, E. H. (1982). The Life Cycle Completed. W.W. Norton & Company.
- “Erik Erikson’s Stages of Psychosocial Development.” Simply Psychology. Retrieved from Simply Psychology
- Image source: “Stages of development.” Wikimedia Commons, 2012.