الشخصية وأنماطها في علم النفس

الشخصية واختبارات الشخصية

الشخصية في علم النفس: تحليلها، اهميتها، انواعها، نظرياتها، منشأها، تطورها، واضطراباتها.

ليس هناك تعريف عام متفق عليه للشخصية، لكنها يمكن أن توصف بشكل عام بأنها الطريقة المميزة والفريدة التي يتفاعل فيها فرد معين مع محفزات بيئية (أي مع ما يشاهده أو يحصل معه)، (هذا حَسب تعريف عالم النفس روجرس). وهي أيضاً سمة داخلية تضع طابعاً على شعور وتصرف وتجربة هذا الفرد بشكل فريد غير مطابق لفرد آخر، نصفه بكونه ذا شخصية مختلفة عن الأول. وصفها بعض علماء النفس على أنها و”الذات” (Self) نفس الشيء.

إن إثبات أن الشخصية ثابتة مع الوقت ورغم المواقف والضروف المتغيرة يتطلب إثبات وجود الشخصية، وكونها (هي وليس البيئة المحيطة أو الموقف) المسؤول أغلب الأحاسيس والتصرفات.

إن القول بأن الشخصية ثابتة لا تتغير يحمل ما لا بأس به من الدقة طبقاً للبحوث الحديثة في علم النفس، إلا أن هكذا وصف مطلق ليس الأكثر دقة. فالشخصية ثابتة بشكل يطلق عليه مصطلح (Rank-order consistency) أو ثباتية مقياسية ترتيبية (مصطح في علم الإحصاء).

مع ذلك فإن الشخصية قد تتغير بشكل بسيط في مرحلة التحول من المراهقة إلى البلوغ، تغيراً يوصف بمصطلح (Mean-level change) (تغيير على المتوسط) وهذا المصطلح الإحصائي يستخدم بشكل خاص لوصف هذا التغيير في الشخصية.

فالشخص الإجتماعي مثلاً لا يمكن أن يصبح فجأة إنطوائياً، إلا أنه يمكنه تغيير عاداته بشكل يجعل ذلك يبدو الحاصل.

هناك عدة طرق لقياس وتحليل الشخصية، و إختبارات الشخصية ما هي إلا طريقة واحدة من هذا الطرق، لها ميزات وعيوب كما سنرى. كل هذه الطرق تشترك بكونها تركز على ما تعكسه الشخصية للخارج، وما يحسه الفرد ذو الشخصية المعينة، وأحياناً على كيف يرى الآخرون ذلك الشخص.

  • إستبيانات التبليغ الذاتي (Self-report questionnaires): مجموعة من العبارات التي يجيب عنها من يأخذ الإستبيان بما يعرفه عن نفسه وشخصيته.
  • Informant report questionnaires: يتم جمع المعلومات عن الشخصية من أشخاص يعرفون الشخص المراد قياس شخصيته، كأفراد العائلة والأصدقاء.
  • مقاييس سلوكية (Behavioral measures): ملاحظة كيف يتصرف الفرد المراد تحليل شخصيته في مواقف مختلفة، وكذلك عاداته وهواياته وكل ما يمكن أن يتم تتبعه وربطه لسمة من سمات الشخصية. إليك أمثلة على السلوكيات التي تعطي معلومات عن الشخصية:
    • ملاحظة التصرفات في موقف عملي يضم أشخاصاً آخرين: هل يتحدث كثيراً؟ هل يقاطع الآخرين؟ هل يأتي بأفكار إبداعية أكثر من الآخرين؟
    • ملاحظة تصرفاتهم عندما يكونون بمفردهم. يتم ذلك بمعرفة الهوايات والأنشطة التي يقومون بها بمفردهم، العادات التي يمارسونها بها بشكل متكرر، وحتى ملاحظة سلوكهم على مواقع التواصل الإجتماعي مثل معرفة ما يهتمون بمتابعته، ما يقومون بمشاركته، أو إذا كانوا كثيري التواجد على الإنترنت أم لا.
    • إستنباط ميول شخصية من معرفة نوع الأفلام أو المسلسلات التي يشاهدونها، نوع الكتب التي يقرأونها ومدى كونها متنوعة؛ يُتوقع ممن لديهم مجموعة كتب كثيرة التنوع أن يكونوا ذوي درجة عالية في سمة الإنفتاح على التجربة (Openness to experience).
  • أحداث هامة ومؤثرة في حياتهم، مثل إن كانوا متزوجين اكثر من مرة سابقاً، هل تعرضوا مرة للإعتقال؟ أدائهم في سنوات الدراسة، وهكذا…

  • إختبارات تحليل الشخصية (Personality assessment tests):
    • تكون على عكس الإستبيانات في أنها تطرح أسئلة غير مباشرة، وتتم ترجمة الإجابة لإستنباط ما يمكن أن تشير إليه من ميول شخصية.هناك إختبارات عديدة متباينة في شهرتها ودقتها.
    • أمثلة لأشهر إختبارات الشخصية:
      • اختبار الانماط الشخصية (MBTI) (Myers-Briggs Type Indicator)
      • اختبار الشخصية (The big five)
      • اختبار الشخصية المتعددة الأطوار (MMPI)
      • اختبار الشخصية النرجسية (NPI)
      • تقييم دِسك (DISC)
      • اختبارات (Truity)
      • اختبار (True Colours)
      • استطلاع هوغان (Hogan Development Survey).

إن دقة اختبارات تحليل الشخصية متباينة بين الإختبارات المختلفة، حيث أنه في العادة يتم الإعتماد على معايير تحدد مدى قدرة الإختبار على التوصل لنتائج واقعية، من هذه المعايير:

  • الموثوقية (Reliability)
  • الصلاحية (Validity)
  • المعايرة (Standardization)
  • السياق والتفسير (Context and interpretation)
  • الإنحياز في إختبارات التقييم الذاتي (Self-Report Bias)
  • السمة مقابل الحالة الذهنية (Trait Vs. State).

*تبقى اختبارات تحليل الشخصية، مع ذلك، مجرد محاولات لعرض وفهم الشخصية من زوايا مختلفة؛ حيث لا يوجد إختبار معين يمكنه “تحديد الشخصية” بشكل قاطع، وهذا متوقع من مفهوم الشخصية الواسع.

لأنها ببساطة أهم ما في علم النفس. ليس هناك من جانب في علم النفس، حتى البيولوجية منها، يمكن أن يُدرس ويحلل بجدية وعمق من دون النظر في تأثير الشخصية عليه، وربما تأثيره على الشخصية أيضاً. هذا من جانبي علم النفس وأهمية الشخصية لتطويره.

كذلك هناك أهميته الفردية، فهم، وأحياناً تفهّم الناس وتصرفاتهم ودوافعهم وكيف يشعرون، وبالطبع فهم مشاعرنا وطباعنا نحن أيضاً.  

الملاحظة أولاً، ثم الحفر. وأدوات الحفر هي الملاعق، الكثير منها.

في جميع إختبارات تحليل الشخصية، العلمية والتجارية منها، نجد أن تحليل جوانب الشخصية وتحديدها يتم بإستخدام أسئلة (الملاعق) تتسم ببساطة قد تبدو مخلّة أو غير هادفة، تحفر هذه الاسئلة عادة في جميع نواحي الشخصية في الوقت نفسه، لتنتج بالنهاية هيكلاً من المعلومات التي تكوّن وصفاً لما عرّفنا به الشخصية.

لكي لا نخرج في الإجابة عن هذا السؤال عن العلميّة، لا بد أن تكون الإجابة المليئة بالتحفظ مجرّد عدّ لأمثلة لما قد تجده على الإنترنت من تصنيفات سطحية مقارنة بما وصل إليه علم النفس في السنوات الأخيرة…، وحتى ما أُسّس له من قبل علماء النفس الكلاسيكيين أمثال فرويد ويونك. حيث لا يوجد عدد محدد من الشخصيات ليهتم علم النفس بدراستها أكثر من غيرها. فالواقع أن التركيز في دراسة علم النفس للشخصية يكون على مقاييس لسمات شخصية منفردة توجد ضمن الأفراد ذوي الشخصية المختلفة.

فمثلاً “الشخصية الانطوائية” و”الشخصية العصبية” سمات منفردة تكون جزءً صغيراً من هيكل الشخصية، ويوجد هذا الجزء عند أشخاص قد يكونون مختلفين كل الإختلاف عن بعضهم، ما يجعل هكذا تصنيفات تكاد تكون خالية من الفائدة كخلوّها من العلمية.

لا يزال هناك جدال حول منشأ الشخصية، كونه طبيعياً (Nature) ينشأ في الشخص منذ الولادة متأثراً بالجينات التي يرثها من الوالدين، أم متأثراً بالبيئة المحيطة والتنشأة (Nurture). كما في أكثر موضوعات علم النفس التي يقترح بها تفسيرا الطبيعة والنشأة، فعادة يكون كلا الخيارين صحيحين جزئياً.

لكن البحوث الحديثة تدعم فكرة كون الجينات مسؤولة عن التكوين الأساسي والأعمق للشخصية، وتفسر قلة تأثر الشخصية بالضروف والبيئة الإجتماعية. لكن نتائج البحوث الأخيرة التي ركزت بشكل خاص على تأثير البيئة على الشخصية، رغم كونها تفيد بكون البيئة ذات تأثير على بعض السمات الشخصية، إلا أنها وجدت أن بيئة معينة تؤثر على الشخصية بشكل متباين بين الأفراد المختلفين.

لم يتم تحديد جينات معينة مسؤولة عن سمات شخصية يمكن توقعها، وكذلك لم يتم تحديد أية تجارب بالضبط ستؤثر على شخصية الفرد بشكل معين يمكن توقعه. مما يجعل من الصعب الإقرار بكون الشخصية جينية بيولوجية.

هناك عدد من النظريات التي وضعت لتفسر تكوّن وتطور الشخصية، كل منها يقترح منظوراً لتفسير نشوء الشخصية وتطورها، من هذه النظريات:

لعل فكرة تحديد إضطرابات أو حالات مرضية مرتبطة ب/أو ناشئة من الشخصية، هي الأخرى تثبت حقيقية هذا الهيكل ذي المعالم الواضحة لكن الحدود الضبابية، والمسمى الشخصية.

تصنف على أنواع متباينة ومتشعبة، إليك الآن بعض الأمثلة عليها:

تظهر هذه الإضطرابات عند نسبة صغيرة من الناس في سن المراهقة أو بداية البلوغ.

محمد قحطان

A medical student and scientific-content writer who crafts articles in Arabic and English, blending scientific rigor and literary elegance, focusing primarily on Psychology, Psychiatry, Philosophy, Literature, and the liberal arts
زر الذهاب إلى الأعلى